الخلافات الداخلية تنهش تاريخ الإخوان المتأسلمين
الخلافات في الجمعات المتأسلمة هي أخطر عليها من رصدها أمنيًا، فأي خلاف في الداخل يصبح شبيه بالخلية السرطانية يهدد البنيان بالكامل ويزعزع بقائه، وفي تاريج جماعة الإخوان الإرهابية تحديدًا العديد من التصدعات التي خلخلت قواعدها وغيرت دستورها الحاكم، وجُل ما أزم الداخل كان ما حدث بعد ثورة 30 يونيو، وتدريجيًا صعدت إلى السطح، ما أدى إلى تفككها لعدة كيانات خارجية وداخلية، تتصارع فيما بينها من أجل السيطرة على قرار التنظيم وموارده، الأمر الذي يمهد في لـ"موت رحيم" أو واقعيا لانتحار الجماعة..
أخر وأكبر هذه الخلافات، رفض قطاعات واسعة من الجماعة قرار تعيين القيادي إبراهيم منير، نائب المرشد العام، وأبرز قادة التنظيم الدولي، قائما بأعمال المرشد، عقب اعتقال القائم السابق بالأعمال محمود عزت، لكن سبق ذلك أكثر من موقف هدد الكيان واستمرار بقائه لاسيما في الخارج الذي يعد الدرع الحصين ضد إنهاء تواجد الإخوان بالكامل، وكان أشهر خلاف ترأس محمد كمال ما سمي (اللجنة الإدارية العليا)، منذ تأسيسها في فبراير 2014، بهدف إدارة شؤون الجماعة، عقب اعتقال معظم القيادات العليا..
ومنذ توليه هذا المنصب، تصاعد الخلاف بينه وبين النائب الأول لمرشد الإخوان، القيادي محمود عزت، والخلاف لم يكن عقائدي كعادة الإخوان، حيث كان حول طريقة إدارة شؤون الجماعة في مرحلة ما بعد اعتقال القيادات، ووصل هذا الخلاف لذروته أواخر عام 2015، حين أصدر نائب المرشد قرارًا بإقالة جميع أعضاء لجنة كمال، وتعيين آخرين..
يرجع الخلاف لرؤية القيادي الراحل محمد كمال، بشأن اللجوء إلى ما أسماه (العنف الثوري)، وهو التوجه الذي قام بتدشينه فعليًا أوائل عام 2015، عبر تشكيلات مسلحة عديدة، منها (حركة حسم) و(لواء الثورة) وغيرها، وأدت هذه الخلافات إلى استقالة "كمال" من عضوية مكتب الإرشاد في مايو 2016، ومن أية مناصب إدارية أخرى داخل الجماعة، وشرع في تأسيس جناح إداري خاص به ومنفصل عن الجماعة، تمت تسميته (المكتب العام)، وظل هذا الوضع قائمًا حتى قُتل "كمال" خلال اشتباك مع الشرطة أثناء إحدى المداهمات في أكتوبر 2016، وشكلت وفاته المفاجأة، لتكون نقطة انطلاق جديدة في مسار الصراع الداخلي في جماعة الإخوان.
ليست هناك تعليقات